الخميس، نيسان ٠٦، ٢٠٠٦

تغيير طوبغرافية مدينة كركوك الغير المتآخية في الوقت الحاضر

إبن كركوك العراقي

كركوك قبل سقوط بغداد و قبل الاحتلال
كانت مدينة كركوك مدينة منبوذة من قبل السلطة المستبدة المقبورة ، ما كانت هناك اي خدمات أساسية في المدينة من تبليط الشوارع أو صرف مياه الأمطار من الشوارع أو تشجير المدينة أو حتى من إنارة الشوارع ، عندما تدخل المدينة ليلا كأنك دخلت الى مدينة الأشباح ولولا أضواء نيران أبراج المصافي النفطية لما كنت تسطيع السير ليلا بالطرق الضيقة المملوئة بالحفر والمطبات ، فهذا حال كل الطرق .. الداخلية منها والخارجية ، والدليل على ذلك فان كل الطرق الرئيسية المؤدية الى مدينة كركوك عبارة عن شارع واحد ضيق باتجاهين متعاكسين ( طريق كركوك و بغداد و كذلك طريق موصل و كركوك و ايضا طريق سليمانية و كركوك و اخيرا طريق اربيل و كركوك) .
و كانت من سياسة النظام السابق على عدم تعيين المحافظ من أهل المدينة و انما يتم تنسيبهم من المحافظات الأخرى ، و المعروف ان أهل المدينة الأصليين يحبوا أن يجدوا شخصا منهم يمثلهم ، لكي يشاهدوا مدينتهم جميلة ومرتبة ومنظمة ، عكس الغريب الذي يقول اني اليوم محافظ في هذه المدينة التي لا انتمي اليها وسوف يحين الرحيل بعد اشباع جيبي وبطني من ثرواتها و خيراتها و قليل من الانتقام من أهله و كثير من الاحتقار لشعبهم وعرفهم و تقاليدهم.
وكذلك من سياسة النظام السابق اخفاء الهوية الحقيقة للمدينة من قوميتها الرئيسية بالتعريب القسري واسكان عرب الجنوب مقابل اعطائهم قطعة أرض ومقدار من المال في بداية الأمر حيث يقال للقادمون من العرب النازحون من المحافظات الجنوبية ( 10000) عشرة ألآف وبعدها سموهم المستفيدين لكونهم في بداية الخطة يستلمون عشرة الف دينار لبناء قطعة الأرض المهدى لهم و السكن فيها و بعدها استلموا اكثر من ذلك ربما قرابة عشر ملايين واستلام هيكل سكني غير كامل .
كركوك بعد سقوط بغداد و بعد الاحتلال
انتهى النظام فلماذا يعيدون الكرة مرة أخرى؟ لماذا النظام الجديد الذي أتى مع الإحتلال يفعل مثلما فعل من سابقه؟ فالخراب في الشوارع نفسها وانما أكثر من قبل , ومدراء الدوائر الخدمية في المدينة نفسهم غرباء ليسوا من أهل المدينة وليست لديهم الكفاءات المطلوبة وخصوصا المراكزالحساسة مثل مدير بلدية كركوك ومدير الشرطة ومدير المرور العامة في كركوك.
فان نفس عملية اخفاء و تغيير هوية مدينة كركوك ما زالت مستمرة و لكن هذه المرة ليست من قبل النظام السابق الدكتاتوري وانما من قبل النظام الحالي العنصري . كذلك دفع مبالغ طائلة للذين يسكنون كركوك وينقلون نفوسهم اليها واعطائهم قطعة أرض عائدة للدولة أو لأشخاص قد غادروا البلد منذ زمن بعيد وهذه الاراضي مسجلة بأسماء أشخاص ربما يرجعون يوما ما الى أرض أجدادهم. والدليل على ذلك هو المقر الحزبي الموجود في وسط المدينة خلف مبنى بلدية كركوك ويسمى من قبل الاكراد(مة لبة ند) معناه فرع الحزب الكردستاني العائد لماماتنا جلال ، فان اردتم التأكد اذهبوا وشاهدوا من أحد زوايا الشارع المذكور متفرجا الى مقر الحزب والطابور الطويل الموجود أمام مدخله العملاق وهم يحملون بأيديهم معاملات وطلبات لتسكينهم في المدينة ( أو لتكريد المدينة) بعد نقل نفوسهم من محافظتهم الأصلية أينما كانت واستلامهم لأكثر من 4000 اربعة ألآف دولار أمريكي واستلام قطعة أرض مع النقود مقابل نقل نفوسهم الى مدينة كركوك.
هذه كلها أدلة من الواقع و ليست مخفية على العيان و انما واضحة وضوح الشمس، و ما خفي أعظم من المؤامرات والدسائس لتغيير طبيعة المدينة ولغتها..
ربما سيكون حال كركوك مثل حال مدينة أربيل الأسيرة ، ففي زمن الحرب العالمية الثانية كانت المدينة ذات أغلبية تركمانية وكانت لغة التدريس في تلك المدينة اللغة العثمانية وفي أوائل عقد الخامس من القرن المنصرم تحولت لغة التدريس الى اللغة العربية كونها اللغة الأساسية في الدولة العراقية ودرس واحد بسيط باللغة الكردية مع بقاء عدد غير قليل من المدارس تدرس اللغة التركية العثمانية . واللغة الشائعة في مدينة أربيل كانت التركمانية لأن أهلها يدرسون العثمانية التركية فبدوره كثير من سكانها يتكلمون التركمانية و قليل منهم الكردية.
ماذا حصل لتلك المدينة اليوم؟ الان أكثر من 88% من سكانها أكراد وقليل منهم تركمان و مضطهدين في أرض أجدادهم. لا نرجو من الله ان يكون حال مدينة كركوك مثل حال مدينة أربيل الفقيدة .
فهذه واقعة مؤلمة أخرى على التركمان في العراق حتى يتداركوا اليوم مدينتهم كركوك قبل أن يأتي يوم يكونوا فيها هم الأقلية وتكون كركوك بنت يتيمة وأسيرة أخرى مثل أختها أربيل.